ذات يوم التقت وردة رائعة الجمال ، شذية الرائحة ، جذابة الألوان ، بلؤلؤة لا يبدو عليها شيئ من
هذه الصفات ، فهي تعيش في قاع البحار ، وتقبع بين أحشاء المحار . تعرفا على بعضهما ،
ثم قالت الوردة :
عائلتي كبيرة جداً ، فمنا الورود ومنا الأزهار ، ومن الصنفين أنواعٌ كثيرة لا أكاد أحصيها ،
يتميزون بألوان كثيرة وجميلة ، ولكل واحد منهم رائحة تميزه.
وفجأه علت وجه الوردة مسحة حزن ،
فسألتها اللؤلؤة :
ليس فيما تقولين ما يدعوا للحزن ، فلماذا أنتِ كذلك ؟
أجابت الوردة :
قد يخطر على بالكِ أنّنا معشر الورود سعداء بما حبانا الله به من ألوان و روائح ، أي نعم كذلك ،
ولكن بني البشر يعاملوننا باستهتار ، فهم يزرعوننا لا حباً لنا ،
ولكن ليتمتعوا بنا منظراً جميلاً ورائحةً شذية ثم يلقوننا على قارعة الطريق ،
أو في سلال المهملات ، بعد أن يأخذوا منا أعز ما نملك ، النضارة و العطر .
تنهدت الوردة ثم
قالت للؤلؤة :
حدثيني عن حياتكِ ، كــــــيف تعيشين؟
وما شعوركِ وأنتِ مدفونة في قاعِ البحار ؟
أجابت اللؤلؤة :
رغم أني ليس لي حظكِ في الألوان الجميلة و الروائح العبقة ،
إلاّ أنني غالية جــــــداً في نظر البشر ، فهم يفعلون المستحيل ليحصلوا علىّ :
يشدّون الرحال ،ويخوضون البحار ، ويغوصون في الأعماق بحثاً عنّي . قد تندهشين
عندما أخبركِ أنني كلما ابتعدت عن أعين البشر ، ازددتُ جمالاً و لمعاناً وارتفع تقديرهم لي .
أعيش في صدفةٍ سميكة ، وأقبعُ في ظلمات البحار ، إلاّ أننّي سعيدة ،
بل سعيدة جداً لأنني بعيدة عن الأيدي العابثة ، وثمني غالٍ جداً لدى البشر .
بقي أن تعرفي أن الـــوردة هي
( المرأة المتبرجة )
واللؤلؤة هي
( المرأة المتحجبة ).